الثلاثاء. نوفمبر 19th, 2024

تحولت كل نقطة في الكون بأرضه ومحيطاته وسمائه بل وحتى فضائه الخارجي الى وسيلة استثمار وقاعدة بحث وتفتيش عن الموارد والاكتشافات وكأن الانسان قد أخذ عهدا منذ أن وطئت قدمه على سطح هذا الكوكب بأن يسجل حضوره  ويخترق بفعله كل ركن وشبر من الأرض واضعا يده على ثرواتها خدمة لاستمراره وتعميقا لهيمنته وتدعيما لقوته ككائن الأرض الأسمى فبعد الصحراء والمحيطات وصولا الى سطح القمر يبدو أن احداثيات الهيمنة قد قررت توجيه نفسها نحو الشق الأبيض الصامت من العالم “القطب الجنوبي” لتفتح صفحات جديدة من المنافسة الجيوسياسية على منطقة كانت منزوعة السلاح داعمة للبحث العلمي لا غير.

فأي خصائص تحد هذه المنطقة ؟

ماهي مختلف التحركات الدولية فيها الباعثة على التنافس ؟

القطب الجنوبي قارة صامتة تعج بالموارد

أنتاركتيكا أو القطب الجنوبي أين لا وجود لساكن ولا باعث للحياة البشرية الاعتيادية منطقة باردة تغطي 20 بالمئة من الكرة الأرضية الجنوبية وهي خامس أكبر قارات العالم من حيث المساحة، قارة من دون دول، نمط حياة ساكن ومثلج تزدهر تحت ثلوجه حياة حيوانية وثروات سمكية لا تقدر بثمن لتكون واحدة من بين أكثر المياه تنوعا على هذا الكوكب.

موقع استراتيجي يتيح إمكانية الوصول الى المحيط المحيط الأطلسي والهندي  والمحيط الهادئ و يمتاز برواسب هائلة من جنس المعادن “13 بالمئة” من النفط و “30 بالمئة” من الغاز الطبيعي فضلا عن إمكانية كبيرة لوجود ثروات من الفحم والطاقة الحرارية الأرضية وغيرها من الثروات المعدنية.

 ولا ننسى الثروة الأهم لهذه الفترة وغيرها من الأزمنة المقبلة “الماء” حيث تحتوي المنطقة على 70 بالمئة من احتياطي العالم للمياه العذبة.

و قد ازدادت أهمية هذه المنطقة في العقود الأخيرة مع ازدياد فرص العثور على معادن نادرة مثل الكوبالت والنيكل اللازمة في الصناعات التكنولوجية والكهربائية وتطويرها، معادن قد قدرت قيمتها بحسب بعض المصادر بنحو تريليون دولار.

ثروات  مخبئة تحت الثلج من شأنها ان تزيد المطامع والمنافسة خاصة مع احتدام سلسة الصراعات على الموارد لإحتكار مختلف الميادين والأسواق وبناء ترسانات وخلق اكتفاءات ذاتية محققة للسيطرة المطلقة لمن يمتلكها على العالم.

صراعات جيوسياسية متنامية

يبدو أن أحلام الرئيس الرئيس السابق للاتحاد السوفياتي “غورباتشوف” بجعل منطقة القطب المتجمد قطبا للسلام لم تتحقق حيث بدأت مظاهر الصراع بالانتقال والتركز في منطقة كانت حسب معاهدة أنتاركتيكا لسنة 1959 منطقة منزوعة السلاح داعمة للتعاون العلمي ممنوعة الاستخدام بدواعي أغراض عسكرية.

 معالم خرق تؤكد على أن كل مكان قد أصبح قابلا للاستغلال بغض النظر عن الرغبات العالمية والمواثيق والمعاهدات الدويلة بل فكرة تعريفه كسلاح هيمنة ومنطقة استغلال تحوله الى مجال تنافس وهدف سيطرة لتحقيق الهدف الأول في الجيوبوليتيك ألا وهو  “المجال الحيوي”.

لقد تم هدم الخطوط الفاصلة بين البحث العلمي والنشاط العسكري في”المنطقة الرمادية” ليتقلص الوضع السلمي الذي هيمن لفترات طويلة فيها.

فنجد أستراليا التي تطالب بالنصيب الأكبر من هذه المنطقة صحبة مجموعة من الدول كنيوزيلندا والنرويج وفرنسا وغيرهم بتعلة السيادة وحق امتلاك نصيب من مناطق القطب الجنوبي.

 وقد تعزز النشاط العسكري والبحثي في القطب من كلا الجانبين الروسي والصيني حيث كشفت الصين عن قدرتها على بناء كاسحات الجليد وتطوير صناعتها وطنيا.

بعيدا عن الولايات المتحدة وأستراليا اللواتي يستأجرن كاسحات جليد لدعم أنشطتهما

ازداد الاهتمام الصيني في الآونة الأخيرة بأنتاركتيكا حيث أرست قاعدة بحثية ضخمة فضلا عن إعلانها على خطط مختلفة لبناء منشئات أرضية جديدة لدعم عمليات الأقمار الصناعية والتي تعد بديلا للنموذج الأمريكي ولعل موقع القطب الجنوبي يساعده حتما على تحقيق هذا الطموح حيث تساعد العوامل المناخية المجمدة للرطوبة في الهواء على التقاط أوضح الصور.

تحركات صينية متعددة أثارت تساؤلات عديدة للخبراء عن نية الصين في إرساء طريق الحرير القطبي.

تظل الصراعات مباشرة كانت أو غير مباشرة في تصاعد بغرض وضع قدم في مجال القارة القطبية بالتالي امتلاك حق في استخدام موارده وإخراجه من زاوية السلم والحيادية  وتحويله الى قادة عسكرية تكون بياناتها الموارد والمجال.

 ومع ازدياد التوسعات وأطماع الدول ودخول العلاقات الدولية في حالة صراعات مشتتة وممركزة في كل قطب من أقطاب العالم يبقى السؤال المطروح:

 أين سيتوقف هذا الزحف على موارد الأرض؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *