الأحد. ديسمبر 22nd, 2024

مع تصاعد التوترات الإقليمية، برزت مسألة توجيه إسرائيل ضربة استباقية للمنشآت النووية الإيرانية كأحد الخيارات المطروحة ضمن استراتيجيات تل أبيب للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني. يتناول هذا التقرير السيناريوهات المختلفة التي قد تعتمد عليها إسرائيل في حال قررت استهداف المنشآت النووية الإيرانية، والعقبات التي تواجهها في تنفيذ هذه الخطط.

إحدى الاستراتيجيات التي قد تعتمد عليها إسرائيل هي تنفيذ ضربات جوية مكثفة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية الحساسة. تمتلك إسرائيل قدرات متطورة في مجال سلاح الجو، بما في ذلك مقاتلات “إف-35” الشبحية التي تمكّنها من تجاوز الدفاعات الجوية المعقدة. وتشمل هذه الضربات المنشآت الحيوية، مثل مفاعل “نطنز” لتخصيب اليورانيوم ومنشأة “فوردو” التي تقع تحت الأرض.

في إطار استراتيجيتها لتأخير البرنامج النووي الإيراني، استخدمت إسرائيل سابقًا الهجمات السيبرانية، مثل هجوم “ستكسنت” الذي استهدف البرنامج النووي الإيراني عام 2010. يُمكن لإسرائيل تكرار هذه الاستراتيجية عبر تعطيل الأنظمة الإلكترونية أو إلحاق الضرر بالبنية التحتية الرقمية للمنشآت النووية.

إسرائيل قد تسعى للحصول على دعم لوجستي أو استخباراتي من حلفائها، مثل الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، لتنفيذ ضربة أكثر فعالية. قد يشمل ذلك استخدام القواعد الجوية القريبة من إيران لتقليل المسافة التي تحتاجها الطائرات الإسرائيلية للوصول إلى أهدافها، أو الحصول على معلومات استخباراتية متقدمة حول المواقع النووية الإيرانية.

تمتلك إيران منظومة دفاع جوي قوية تضم صواريخ “إس-300” الروسية المتطورة، مما يعقّد إمكانية تنفيذ ضربات جوية مباشرة. كما أن بعض المنشآت النووية، مثل منشأة “فوردو”، تقع في عمق الأرض وتحت حماية طبقات سميكة من الخرسانة، مما يجعلها أهدافًا صعبة للاختراق حتى بالنسبة للقنابل المخصصة لاختراق التحصينات.

كما قد ترد ايران على أي ضربة إسرائيلية عبر استهداف مواقع إسرائيلية أو مصالح حلفائها في المنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول الخليج. تمتلك إيران قدرات صاروخية بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى أهداف داخل إسرائيل، بالإضافة إلى ميليشيات حليفة مثل “حزب الله” في لبنان التي قد تنخرط في هجمات صاروخية.

في نفس السياق، أي هجوم استباقي إسرائيلي على إيران سيواجه بلا شك ردود فعل دولية قوية، بما في ذلك من قوى كبرى مثل روسيا والصين، بالإضافة إلى ردود فعل دبلوماسية من الأمم المتحدة ودول أخرى ترى في ذلك تصعيدًا خطيرًا. كما أن نجاح الضربة في تحقيق أهدافها سيكون مؤقتًا إذا لم يُعزز بتحرك دبلوماسي دولي لمنع إيران من إعادة بناء برنامجها النووي.

في حال نفذت إسرائيل ضربة محدودة تستهدف منشأة واحدة أو أكثر، قد يؤدي ذلك إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني لبضع سنوات، لكن من المرجح أن تواجه إسرائيل ردًا عسكريًا وسياسيًا قويًا من إيران وحلفائها.

في حال تطور النزاع إلى مواجهة إقليمية شاملة، قد يؤدي ذلك إلى انخراط ميليشيات في لبنان وسوريا والعراق في مهاجمة أهداف إسرائيلية، مما يفتح الباب أمام تصعيد أوسع قد يتورط فيه العديد من الدول.

ضغط المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، قد يمنع إسرائيل من اتخاذ هذا الخيار، مع التركيز على استخدام الطرق الدبلوماسية مثل العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي قد يُخفض من التوترات.

بالتالي، إسرائيل أمام خيارات معقدة فيما يتعلق بتوجيه ضربة استباقية للمنشآت النووية الإيرانية. في حين أن لديها القدرات العسكرية والتكنولوجية لتنفيذ مثل هذه العملية، فإن التحديات الدفاعية الإيرانية والتداعيات السياسية والعسكرية المحتملة تجعل هذا الخيار محفوفًا بالمخاطر. قد تختار إسرائيل الانتظار والعمل على تقوية تحالفاتها الإقليمية والدولية، مع إبقاء جميع الخيارات مفتوحة إذا شعرت أن التهديد النووي الإيراني بات وشيكًا.

By Ciessm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *