إعداد ياسمين الجوادي قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 19-09-2024
تقديم
تواجه المرأة الإفريقية العديد من التحديات التي تؤثر على مشاركتها الفاعلة في المجتمع. ومن أبرز هذه التحديات النقص في فرص التعليم، إذ إن الكثير من الفتيات في المناطق الريفية لا يتمكنّ من الحصول على التعليم اللازم بسبب العوائق الاقتصادية والاجتماعية والفقر والجهل والزواج المبكر والإنفطاع المبكر عن التعليم والعادات والتقاليد التي تقصي المرأة من أي فعل إجتماعي.
إضافة إلى ذلك، تعاني المرأة الإفريقية من ضعف في الوصول إلى الرعاية الصحية، مما يؤثر على صحتها وصحة أطفالها وصحّة العائلة بصوورة عامة. أما في المجال الاقتصادي، فما تزال النساء الأفريقيات يواجهن صعوبات في الحصول على فرص عمل مناسبة، وغالبًا ما يتم تهميشهن في الأنشطة الاقتصادية المهمة.
أما فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، فإن وجود المرأة في مناصب قيادية لا يزال محدودًا، رغم الجهود المبذولة لتغيير هذا الواقع وكذلك يسجل غياب ملحوظ للمرأة في المشاركة الفاعلة في العملية السياسية والدفاع عن حقّها في تقرير مصير بلادها فهناك شبه إنقطاع تام للحياة السياسية بوجه عام.
أولا – مؤشرات صينية في تعزيز مكانة المرأة الإفريقية
تنظر الصين اليوم الى ضرورة :
تمكين المرأة الإفريقية من واقع ومستقبل أفضل ذلك انها من أحد الأهداف الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة في القارة. إذ أكدت العديد من الدراسات أن تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة الاقتصادية والسياسية يسهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات ويرفع من مستوى الوعي لدى كل الفئات لأن تأثير المرأة مباشر على جميع المستويات.
لهذا، تعمل الحكومات والمنظمات الدولية على تنفيذ برامج تهدف إلى تعزيز التعليم، تحسين الرعاية الصحية، وتمكين المرأة اقتصاديًا من خلال خلق فرص عمل وتطوير مهاراتها.
فمؤشرات تمكين المرأة في إفريقيا قد شهدت تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، ولكن التقدم يختلف من دولة إلى أخرى حسب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية خصوصا منها تدني القدرة المجتمعية والإرادة السياسية لدى الشعوب والحكومات الإفريقية التي مازالت تشهد قيودا نوعية .
– في مجال الصحة، شهدت إفريقيا تقدمًا في تحسين معدلات الوفيات بين النساء والأطفال، خاصة مع زيادة المبادرات الدولية والمحلية التي تركز على صحة الأمهات والأطفال. كما تم تحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، لكن الفجوة بين المناطق الريفية والحضرية لا تزال كبيرة، وكذلك تأثير النزاعات والحروب الأهلية وظهور الجماعات الإرهابية له تأثير كبير على وضع المرأة فهي الحلقة الأضعف داخل هذه الصراعات.
– أما على المستوى التعليمي، فقد ارتفعت معدلات التحاق الفتيات بالمدارس الإبتدائية في العديد من الدول الإفريقية، وهو ما يعكس تقدمًا في تمكين المرأة على مستوى التعليم الأساسي والثانوي. ومع ذلك، لا تزال بعض المناطق تواجه تحديات في تواصل التعليم الجيد للفتيات في المناطق الريفية سواء ان كانت الأسباب اجتماعية أو اقتصادية فمازالت الفتيات في عمر مبكر تغادر مقاعد الدراسة اما لتعيل العائلة و اما بسبب العادات لتتزوج .
فيما يخص الشمول المالي، تُظهر بيانات البنك الدولي أن نسبة النساء اللواتي يمتلكن حسابات مصرفية في إفريقيا جنوب الصحراء ارتفعت من 21% في 2014 إلى 37% في 2021، بفضل انتشار الخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة. نظام M-Pesa في كينيا يُعد مثالًا رائدًا على كيفية تقديم الخدمات المالية للنساء في المناطق النائية، حيث يستخدمه ملايين النساء لإدارة أموالهن وبدء مشاريع صغيرة.
– في مجال تمثيل المرأة في المناصب القيادية، لا تزال النسبة منخفضة في إفريقيا. ومع ذلك، بدأت بعض الدول مثل جنوب إفريقيا ورواندا في اتخاذ خطوات لتعزيز تمثيل المرأة في المناصب القيادية والإدارية. رواندا، على سبيل المثال، تعتبر واحدة من الدول الرائدة في العالم من حيث تمثيل النساء في البرلمان، أكثر من 60% من المقاعد.
رغم التقدم المحرز في تمكين المرأة في إفريقيا في مجالات الصحة والتعليم والمشاركة الاقتصادية والسياسية، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتطلب المزيد من العمل لتحقيق تمكين كامل ومستدام للمرأة في القارة.
المرأة الإفريقية كانت حاضرة في القمّة الصينية الإفريقية
في هذا الإطار، تبرز القمة الصينية الإفريقية كمنصة هامة لتعزيز التعاون بين الصين وإفريقيا في مجالات متعددة، بما في ذلك قضايا تمكين المرأة.
تهدف القمة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول الإفريقية، لكنها أيضًا توفر مساحة لتبادل الخبرات حول كيفية تحسين أوضاع المرأة في القارة. وقد ساهمت الصين من خلال هذه القمم في تقديم مبادرات لدعم المرأة الإفريقية، خاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية، حيث تم تنفيذ العديد من البرامج المشتركة التي تستهدف تحسين حياة النساء في المناطق النائية
ثانيا – فيما تتمثل مبادرة السيدة الأولى لجمهورية الصين الشعبية “بينغ ليوان”؟
من بين الشخصيات البارزة التي دعمت هذه الجهود، تأتي السيدة الأولى للصين “بينغ ليوان”، التي لعبت دورًا كبيرًا في دعم حقوق المرأة على المستوى الدولي. كجزء من مشاركتها في القمم الصينية الإفريقية.
والسيدة الأولى “بينغ ليوان” تُعد شخصية بارزة في دعم حقوق المرأة، خاصة فيما يتعلق بالصحة والتعليم. بفضل خلفيتها الأكاديمية في الفنون ودورها العالمي كزوجة الرئيس الصيني، حيث عملت من منصبها على ضرورة دعم قضايا تمكين المرأة على المستوى الدولي، بما في ذلك في إفريقيا.
وقدمت السيدة “بينغ ليوان” دعمًا مباشرًا للعديد من المبادرات التي تهدف إلى تحسين التعليم والرعاية الصحية للنساء الإفريقيات. كما ركزت على تعزيز التعاون بين النساء الصينيات والإفريقيات، مؤكدة على أهمية التعليم كأداة أساسية لتمكين المرأة. من خلال البرامج التي تم إطلاقها بالتعاون مع الصين، تمكنت العديد من النساء الإفريقيات من الحصول على فرص تدريب مهني وتعليمي ساعدتهن على تحسين أوضاعهن الاقتصادية.
ولقد شاركت السيدة “بينغ ليوان” في العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة في إفريقيا، وذلك من خلال دعمها للتعليم والرعاية الصحية.
تركز السيدة “بينغ ليوان” بشكل خاص على الصحة والتعليم كأدوات أساسية لتمكين النساء. ففي خطاباتها ومشاركاتها في القمم الدولية، بما في ذلك القمة الصينية الإفريقية، تشددالسيدة “بينغ” على أهمية تحسين وصول النساء إلى الرعاية الصحية والتعليم، وأكدت على ضرورة تقليص الفجوة التعليمية بين الرجال والنساء.
وبالنسبة للسيدة “بينغ ليوان”، التعليم يُعد من أبرز وسائل تمكين المرأة، حيث أكدت في أكثر من مناسبة أن النساء المتعلمات يمتلكن القوة لتغيير حياتهن وتحسين أوضاع أسرهن.
وفي هذا السياق، دعمت الصين إنشاء مدارس وبرامج تدريبية تستهدف الفتيات في المناطق النائية من إفريقيا، بالإضافة إلى منح دراسية للطالبات الإفريقيات للدراسة في الصين.
ثالثا – ماهي سبل التعاون الصيني الافريقي ؟
من خلال التعاون الصيني الإفريقي، تم إطلاق عدد من البرامج التي تهدف إلى تدريب النساء الإفريقيات في مجالات متعددة، من بينها برامج التدريب المهني والتعليم الفني.
كما تم تمويل العديد من هذه البرامج من خلال شراكات بين الصين والدول الإفريقية، مما ساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية للعديد من النساء في مناطق الريف الإفريقي. على سبيل المثال، في القمة الصينية الإفريقية التي عقدت في عام 2018، أعلنت الصين عن تخصيص مبالغ مالية لدعم المشاريع التعليمية والصحية في إفريقيا، مع تركيز خاص على النساء والفتيات.
من بين الأمثلة الواقعية التي تدعم دور السيدة الأولى “بينغ ليوان” في تعزيز حقوق المرأة الإفريقية، نذكر:
برنامج “Brightness Action”:
هذا البرنامج كان يهدف إلى تقديم علاج مجاني للنساء اللواتي يعانين من أمراض العين في العديد من البلدان الإفريقية. تم إطلاقه بشراكة صينية إفريقية، وقد قدمت “بينغ ليوان” دعمًا قويًا لهذا البرنامج من خلال تعزيز التوعية بأهمية صحة العين بين النساء الإفريقيات.
هذا البرنامج نجح في معالجة الآلاف من النساء في دول مثل كينيا ومالي، مما حسن من جودة حياتهن وقدرتهن على الاستمرار في العمل وتقديم الرعاية لأسرهن.
برنامج “التعليم من أجل الجميع“:
عملت الصين، بدعم مباشر من السيدة بينغ، على تقديم منح دراسية للفتيات الإفريقيات للالتحاق بالجامعات الصينية. كانت هذه المبادرة جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز التعليم كوسيلة لتمكين المرأة.
آلاف الفتيات الإفريقيات استفدن من هذه المنح الدراسية في مجالات متنوعة مثل الهندسة، الطب، وتكنولوجيا المعلومات، مما ساعدهن على اكتساب المهارات اللازمة للعودة إلى بلدانهن والمساهمة في تنمية مجتمعاتهن.
التحالف العالمي للصحة النسائية والطفل:
السيّدة” بينغ ليوان”، كسفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة الصحة العالمية، دعمت هذا التحالف الذي يهدف إلى تحسين الرعاية الصحية للنساء والأطفال في إفريقيا. إحدى المبادرات الكبرى كانت توفير الدعم الطبي والتدريب للعاملين في مجال الصحة في المناطق النائية من إفريقيا، وهو ما ساعد في خفض معدلات الوفيات بين النساء الحوامل والأطفال في عدة دول مثل تنزانيا وإثيوبيا.
خلاصة :
بفضل هذه المبادرات، استطاعت السيدة “بينغ ليوان” أن تكون جسراً بين الصين وإفريقيا في مجال تمكين المرأة، ليس فقط من خلال الدعم الماليبل من خلال العديد من المجالات خاصة الصحة والتعليم ليصبح بامكان العديد من النساء الإفريقيات التحميل على فرص جديدة تمكنهن من تحسين أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية.
فالتعليم الذي توفره البرامج المشتركة بين الصين وإفريقيا يفتح أمام النساء أبوابًا جديدة في مجالات مثل ريادة الأعمال والتكنولوجيا، مما يزيد من فرصهن في تحقيق الاستقلال المالي.