الأحد. ديسمبر 22nd, 2024

أكّد الرئيس الصيني في كلمته اليوم على هامش القمة الصينية الإفريقية على عمق العلاقات الصينة الإفريقية المبنية على أسس صحيحة لا يمكن زعزعتها ولا تشوبها هنّات بل أن الرئيس “شي” أكّد انه حان موعد قطف الثمار. فبعد مرور 24 عاماً على تأسيس المنتدى، حققت الشراكة الصينية الإفريقية نجاحات كبيرة في مختلف المجالات، مع تصاعد ملحوظ في حجم التبادل التجاري والاستثماري بين الجانبين

ذلك أن “العلاقات الصينية- الإفريقية “أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى به في التعاون جنوب- جنوب، مع التزام الصين بتقديم الدعم اللازم لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا، مستفيدة من تجربتها التنموية الفريدة.

قمة إستثنائية بكل المقاييس

تركز أجندة خطاب الرئيس “شي” في القمّة الحالية على ملفات حيوية مثل حق الشعوب العالم في الحداثة والحوكمة الرشيدة بمفهومها الحقيقي والمتساوي بين مختلف الدول، كذلك تركز الخطاب حول تسريع التعاون الصناعي والزراعي وبناء شراكات مستدامة في إطار مبادرة الحزام والطريق.

الجمهورية التونسية في قلب الخطاب للرئيس الصيني

أن البلاد التونسية بفضل موقعها المتميز ودورها الفاعل في الشراكة الصينية- الإفريقية، سيكون لها دور محوري في تنفيذ هذه الأجندة، مما سيعزز مكانتها كفاعل رئيسي في رسم ملامح التعاون الثنائي بين الصين وإفريقيا واغتنام فرصة تاريخية وإضافية للمغرب العربي ولشمال افريقيا، لتعزيز شراكتها  الطبيعية مع الصين، وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي والسياسي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ملفات حيوية يطرحها الرئيس “شي” في كلمته

في قراءة لأبعاد المنتدى ودلالاته، وفي قراء عميقة للخطاب التاريخي للرئيس الصيني يسجل التعاون الثلاثي بين الصين وإفريقيا وتونس منذ فترة نموذج مبتكر للشراكة الدولية الواعدة، إذ تساهم تونس، من خلال موقعها الجغرافي الاستراتيجي واستقرارها السياسي، في تعزيز روابط التعاون بين الصين والدول الإفريقية، التي لا تقتصر على المجال الاقتصادي فحسب، بل تشمل أيضاً أبعاداً استراتيجية أخرى مثل الأمن الغذائي، الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة والبنية التحتية، وقد حان الوقت الآن وفي ظل الإصرار على التحرر والسيادة وحق الشعوب في التحديث المرور الى التفعيل وجني الثمار كما قال الرئيس “شي”.

هذا ويعد العرض الشمال إفريقي وبالتحديد المغاربي جاذب بالنسبة للصينيين، خاصة مع تحفيزات ودعم ميثاق الإستثمار والتنمية الجديدة لمشاريع عالية القيمة المضافة.

ففي كلمة السيد الرئيس “شي” هناك إعلان صريح عن عزم الصين التاريخي على كسر حالة الركود الاستعماري ونهضة التحرر ببناء “علاقة سوق جديدة مبنية على التعاون وليس التلقي فقط، أيْ عبر نقل التكنولوجيا، مثلا، في مجالات المياه والزراعة وغيرها، مع مراعاة خصوصية الدول الإفريقية كل على حدة يدا بيد وقدما بقدم كما يقول المثل الصيني.

الصين والحزام والطريق الشمال إفريقي المغاربي

لعل تركيز مشروع السكك الحديدة تونس-الجزائر هو دليل واقعي ملموس نحو بناء سوق مغاربية -صينية ممّا يتيح فرصاً متعددة لتحقيق التنمية المستدامة على مستوى القارة “الصين والحزام المغاربي.”

كلمة السيد الرئيس اليوم كانت واضحة وصريحة مبنية على مبادئ لا تتغير بمرور الزمن بل أن العلاقات الصينية الإفريقية تتوارث جيلا بعد جيل كما قال السيد الرئيس “شي”. فلقد حرص الجانب الصيني على تعميق التعاون والاستثمار في مجالات الصناعة والاستثمار ونصب نموذج للتعاون في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية وبشراكة متينة أسسها التعاون المشترك والشفافية والثقة.

لقد كان من ابرز المقترحات الداعمة بين تونس والصين “محرك النمو الأخضر وتقليص فجوة الوصول الى الطاقة”

فهذا التركيز اللوجستي الذي اعتمدته الصين هو في حقيقة الامر”حلّ” في ذروة وضع عالمي يتصارع لأجل الوصول الى منابع الثروة والطاقة وترتج فيه الطبيعة محدثة أعنف مظاهر التغير المناخي.

الشروع في العمل “بالتعريفة صفر الجمركية ” مع دول القارة السمراء

وحول موضوع عمل الشراكة للإزدهار التجاري التي أشار إليها الرئيس “شي” في كلمته اليوم هو الخيار التي تعمل عليه جمهورية الصين الشعبية هو أن  تتجه نحو تعزيز استثماراتها في إفريقيا، بما في ذلك تونس التي تعتبر بوابة إفريقيا نحو أوروبا وأحد الشركاء المهمين لبكين.

هذه الاستثمارات، التي تتنوع بين المشاريع الكبرى مثل تلك المرتبطة بمونديال الصين 2030 ، تكرّس أهمية افق السنوات القادمة والخريطة الاقتصادية الجديدة التي ترسمها الصين بتعاون مع الدول الإفريقية.

كما قررت الصين منح جميع الدول الأقل نموا التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين بما في ذلك 33 دولة افريقية تعريفة “صفر الجمركية على 100 بالمائة من الأداء على الضريبة المستوردة منها وهذا قرار مهم جدا لدولة عظمى مثل تريد ان تكون دولة شريكة ومتعاونة وليست دولة تريد الضغط والتفقير وهذا ليس بغريب على دولة الحضارة ودولة الإنسانية فلم تخرج يوما عبر تاريخها لنهب وسرقة الشعوب ولم يكن لها تاريخ استعماري بل بالعكس كانت دولة تتعاون مع الدول والشعوب التي تقاوم الإستعمار وتدعم حركات التحرر.

المدينة الذكية “الأغالبة”: النموذج الصيني الأول من نوعه في إفريقيا

لقد جاء في كلمة السيد الرئيس “شي” بناء 20 مشروعا رقميا نموذجيا في الدول الإفريقية كتنفيذ لمبدأ حق كل شعوب العالم للتحديث على حدّ تعبير الزعيم الصيني “شي”. ومنها يأتي مشروع “مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان” بهدف خلق مدينة ذكية تتضمن جميع الإختصاصات الطبية، واستقطاب السياحة العلاجية ببناء مستشفيات تستجيب للمواصفات العالمية، الى جانب دفع وتطوير البحث العلمي في المجال الصحي، وخلق أسواق تصدير جديدة للمنتوجات المبتكرة في المجال الصحي.

ويتوقع أن يساهم مشروع المدينة الصحية في إحداث اكثر من 40 الف مواطن شغل في جميع المجالات والمستويات.

كما يضم 9 فضاءات في مختلف الإختصاصات الطبية والخدمات الصحية والبحث العلمي والمجال الجامعي وتصنيع الأدوية إلى جانب إنتاج الطاقات المتجددة ومعالجة النفايات والمشاريع السكنية وفضاءات سياحية وثقافية.

 ويأتي هذا التقدم الملحوظ عقب الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيد الى بيكين في 28 ماي 2024 تلبية لدعوة الرئيس الصيني “شي جين بينغ”.

التمويل والقروض في شكل مساعدات

من قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية بيكين صرح “شي جينبينغ” بقوله: “إن العلاقات الصينية الإفريقية تمرّ في الوقت الراهن بأفضل فترة في تاريخها”، مؤكدا استعداد بلاده لتعميق التعاون مع القارة السمراء في عدة مجالات على غرار البنى التحتية والتجارة.

كما تعهد بتمويل مشاريع في إفريقيا بقيمة تناهز 7.50 مليار دولار (360 مليار يوان) على مدى السنوات الثلاث القادمة وتوفير مليون فرصة عمل عالأقل في إفريقيا، إلى جانب تعميق التعاون في مجال البنية التحتية والتجارة مع القارة السمراء.

وأشار الرئيس الصيني إلى أن أكثر من نصف هذا المبلغ سيكون قروضا، مع 11 مليار دولار على شكل مساعدات بالإضافة الى 10 مليارات دولار من خلال تشجيع الشركات الصينية على الاستثمار.

الخلاصة

وبهذا الخطاب التاريخي سينحت تاريخ البشرية كيف كانت جمهورية الصين الشعبية ثابة على المبدأ وأن مبادرة الحزام والطريق التي أعلن عليها الرئيس “شي” منذ سنة 2013 هي لإستمار مبادئ والمواقف الثابتة للدولة العملاقة تاريخيا وحضاريا وثقافيا وسياسيا….

عاشت العلاقات والصداقة الصينية الإفريقية…

 

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *