الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

التقديم

بعد إعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، عن انعقاد الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك 9) في بكين من 4 إلى 6 سبتمبر 2024، يزداد الاهتمام الدولي بهذا الحدث البارز.

ويتمحور النقاش في المنتدى حول موضوعات حيوية تشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، وتوقيع اتفاقيات استراتيجية جديدة بين الصين والدول الإفريقية. يترقب المراقبون ما سيسفر عنه هذا الاجتماع من صفقات نوعية ومبادرات تعاون قد تشكل مستقبل العلاقات بين الطرفين، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية الراهنة.

 

 ثلاث محاور رئيسية  تطرح في القمّة الافريقية الصينية

  • إنجازات وإمكانات التعاون الصيني الأفريقي: تعزيز التعددية القطبية المتساوية والمنظمة والعولمة الاقتصادية الشاملة والمفيدة للجميع

تتمثل أبعاد التعاون الصيني-الإفريقي في تعزيز التعددية القطبية المتساوية والعولمة الاقتصادية الشاملة. من خلال هذا التعاون، تُحقق الصين وإفريقيا إنجازات ملحوظة مثل تطوير البنية التحتية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في مجالات متعددة. ويساهم هذا التعاون في دعم التعددية العالمية بتوازن القوى وتعزيز الشفافية والتنظيم في العلاقات الدولي، كما يشجع على عولمة اقتصادية تشمل جميع الأطراف، مما يتيح للدول الإفريقية الاندماج بشكل أفضل في الاقتصاد العالمي والاستفادة من المكاسب المتبادلة.

  • آفاق التعاون الصيني-الإفريقي: تحديث الصين وإفريقيا من خلال التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق

 يركز هذا المحور على تحديث البنية التحتية والتكنولوجيا في كلا الطرفين من خلال شراكات عالية الجودة ضمن مبادرة الحزام والطريق، كما يسعى هذا التعاون إلى تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، وتحسين الروابط اللوجستية بين الصين وإفريقيا، مما يساهم في تحقيق فوائد متبادلة وتعزيز التكامل الإقليمي والعالمي.

  • بناء مجتمع مصير مشترك بين الصين وإفريقيا من أجل إنشاء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية

وذلك من خلال تطوير شراكات استراتيجية تحقق الفوائد المشتركة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال مشاريع مشتركة.

مع التركيز تبني رؤية مشتركة للمستقبل تسهم في بناء مجتمع عالمي مستدام ومترابط.

تنعقد هذه القمة تحت شعار “التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى بمستقبل مشترك”، وسط أجواء جيوسياسية مشحونة، وهو ما يبيّن أهمية كبرى للجانبين الصيني والإفريقي.

 ومن المؤكد أن تؤسس القمة لمرحلة جديدة في مسار التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين بكين والدول الإفريقية، وهو تعاون استمر لأكثر من عقدين في إطار منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك). ومنذ انطلاقه في قمة بكين عام 2000، أصبح المنتدى آلية أساسية لتعزيز الشراكة بين الصين وإفريقيا، مع التركيز على استمرارية الاجتماعات الدورية كل ثلاث سنوات، وهو ما يعكس عمق العلاقات المتجذرة بين الجانبين. هذا التعاون، المتجسد في إطار مؤسسي، يعزز منافع متبادلة لكلا الطرفين، ويعزز من دور المنتدى في بناء مستقبل مشترك ومستدام.

من جهة أخرى، يُعتبر المنتدى الصيني-الإفريقي رمزًا بارزًا للتعاون بين دول الجنوب العالمي في القرن الحادي والعشرين، حيث يعكس جوهر التعاون الذي يتمحور حول المبدأ الأساسي “من الجنوب ومن أجل الجنوب”. تعزز هذه القمة التأكيد على استمرار روح التعاون بين الدول النامية، وتعكس التزام الطرفين بتعزيز الشراكة والتكامل من أجل تحقيق التنمية المشتركة والنمو المستدام في إطار التعاون بين الجنوب.

تونس والمنتدى التاسع للتعاون الصيني الافريقي “فوكاك”

تُشارك تونس في الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك بوفد رسمي يرأسه رئيس الحكومة كمال المدوري. تعكس هذه المشاركة التزامها بتعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع الصين، وتوسيع نطاق شراكاتها الدولية.

كما تعتبر هذه المشاركة فرصة هامة لتونس لفتح أبواب جديدة للتعاون مع الصين في مختلف المجالات، مثل الاستثمار، التجارة، والسياحة.

وتعكس هذه المشاركة رغبتها في تنويع شركائها الدوليين، وتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية بما يتماشى مع استراتيجيات التنمية الوطنية.

وعلى صعيد التحضيرات، تم عقد اجتماع بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة كمال المدوري لمناقشة تفاصيل برنامج زيارة المدوري إلى بكين، والتي تشمل حضور فعاليات المنتدى والمشاركة في النقاشات والفعاليات ذات الصلة. هذا الاجتماع يعكس أهمية المنتدى بالنسبة لتونس، ويعزز من استعدادها للمشاركة بفعالية في النقاشات التي ستتمحور حول تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف.

أهداف استراتيجية ومسار سياسي واقتصادي نحو الصين

تشكل مشاركة تونس في المنتدى جزءًا من استراتيجيتها لتوسيع روابطها الاقتصادية والسياسية مع الصين، التي تُعتبر شريكًا رئيسيًا في إطار منتدى التعاون الصيني-الإفريقي. تسعى تونس من خلال هذا المنتدى إلى تحقيق مصالح مشتركة وتقديم فرص جديدة للتعاون في مجموعة من المجالات الحيوية، بما يعزز من موقفها على الساحة الدولية ويعزز من التنمية المستدامة في البلاد.

كما ستكون هذه الدورة من المنتدى فرصة لتونس لعرض إمكانياتها وفرصها الاستثمارية والتجارية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في قطاعات مثل التكنولوجيا، الصحة، والبنية التحتية. ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاركة في بناء علاقات أقوى مع الصين، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون الثنائي في المستقبل.

وخلال مقابلة أجراها الخبير التونسي في العلاقات الدولية ورئيس مؤسسة ابن رشد للدراسات العربية والافريقية الأكاديمي كمال بن يونس مع وكالة أنباء شينخوا، اعتبر أن مشاركة تونس في قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك) لعام 2024 تعبّر عن الإرادة السياسية للقيادة التونسية واهتمامها الكبير بتعزيز علاقات الشراكة مع الصين.

كما أوضح أن هذه المشاركة سير تونس ضمن مسار تنويع شركائها الدوليين في مجالات الاستثمار والتجارة والسياحة.

من جهتها أفادت الرئاسة التونسية في بيان أن الرئيس قيس سعيد قد اجتمع مساء أمس برئيس الحكومة كمال المدوري لمناقشة برنامج الزيارة التي سيقوم بها المدوري إلى بكين للمشاركة في فعاليات المنتدى، مذكّرا بـ “بزيارة الدولة التي كان أداها إلى الصين خلال الفترة ما بين من 28 مايو إلى 1 يونيو الماضيين، والتي تُوّجت بإقامة علاقات شراكة استراتيجية بين تونس والصين، إلى جانب عدد من الاتفاقيات الأخرى التي تم إبرامها بين البلدين”.

ويندرج اهتمام الرئيس قيس سعيد بهذه الزيارة ومشاركة بلاده في أعمال القمة وفقا للخبراء ضمن مسار سياسي واقتصادي نحو الصين بدأ قبل عقود، وتعزز خلال الأعوام القليلة الماضية بعد تبادل الزيارات في أعلى مستوى بين كبار المسؤولين في الدولة وفي قطاع المال والأعمال.

وأضاف بن يونس أن هذا المسار” تطور وأخذ نسقا أسرع بعد مشاركات تونس في القمة الصينية العربية في الرياض ثم في المؤتمر الوزاري العربي الصيني رفيع المستوي الذي كان الرئيس التونسي قيس سعيد ضيف شرف فيه”.

مشيرا “لقد تأكد التقارب التونسي الصيني ودعم تونس للشراكة مع بكين من خلال إنجاز المشروع العملاق للمعهد الدبلوماسي التونسي الدولي بتونس بتمويل صيني، وهو معهد سيكون مفتوحا لآلاف الدبلوماسيين والخبراء من العالم أجمع وخاصة من إفريقيا والصين وشركاء تونس في المنطقتين الأور ومتوسطية والعربية الإسلامية”.

وأكد “أن هناك العديد من الفرص الإضافية التي تتوفر حاليا لدفع العلاقات بين تونس والصين إلى أفق أوسع”، لافتا في هذا الصدد إلى أن المشاركة في اجتماعات بكين “تُعد تمهيدا لخطوات عملية لإحداث نقلة جديدة في آليات التعاون بين الصين وتونس والصين وبقية الدول الإفريقية”.

واعتبر أن مثل هذه الآليات “ستُؤسس لشراكة ومبادلات ثلاثية ومتعددة الأقطاب، بما في ذلك مع كبار شركاء الصين في منظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة البريكس، وذلك بالنظر إلى حجم المشاركة السياسية والاقتصادية الإفريقية في المنتدى المرتقب، وإلى دور الصين التي تحولت إلى قوة اقتصادية دولية هامة، باعتبارها، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر شريك تجاري لإفريقيا”.

خلاصة

بالتالي تجسد قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك 9) المنعقدة في بكين من 4 إلى 6 سبتمبر 2024، نقطة تحول هامة في مسار العلاقات بين الصين وأفريقيا. تبرز القمة كمنصة استراتيجية لدفع التعاون الثنائي إلى آفاق جديدة من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية، وتوقيع اتفاقيات استراتيجية تعزز من التنمية المستدامة في كلا الجانبين.
تعكس مشاركة تونس في هذا المنتدى تحت قيادة رئيس الحكومة كمال المدوري التزامها القوي بتعزيز علاقاتها مع الصين وتوسيع أفق تعاونها الدولي، وتُعد أيضا فرصة ذهبية لها لعرض إمكانياتها الاقتصادية وجذب الاستثمارات، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجالات حيوية مثل التكنولوجيا والبنية التحتية.

كمت تدعم القمة رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى بناء مجتمع مصير مشترك بين الصين وأفريقيا، مما يعكس التزام الطرفين بمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية بروح من التعاون والتكامل.

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *