الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

ظهرت في الآونة الأخيرة تصريحات لجنود احتياط في الجيش الإسرائيلي تتمحور حول حالة الإرهاق، والاستنزاف الجسدي والنفسي في صفوف الجنود بسبب إطالة الحرب في قطاع غزة.

تقارير تؤكد ضعف البنية الكاملة للإدارة العسكرية الصهيونية ومسألة منظومة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، بما تحمل من أبعاد اجتماعية، واقتصادية بالإضافة للأبعاد العسكرية.

منظومة عسكرية فاسدة

يتكون الجيش الإسرائيلي من ثلاث منظومات عسكرية بشرية: الجيش النظامي، والملتحقين بالتجنيد الإلزامي وجنود الاحتياط، بعد انتهاء الخدمة الإلزامية. ينخرط جنود الاحتياط في ثلاثة مسارات من الخدمة العسكرية:

  • الأول: وحدات عسكرية مكونة كلها من جنود الاحتياط، مثل فرق الاحتياط البرية، أو وحدات في الدفاع المدني.
  • الثاني: وحدات مختلطة بين الجنود النظاميين والاحتياط، مثل سلاح المدرعات، الذي يعمل فيه جنود الاحتياط كحلقة لإكمال عمل الوحدات النظامية.
  • الثالث: وحدات نظامية والتي تُعتبر فيها قوات الاحتياط هي الأساس في عمل هذه الوحدات، وهي وحدات منتظمة مثل سلاح الجو، وبعض الوحدات الخاصة والتكنولوجية.

في العقود الأخيرة تآكلت منظومة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، ويعود ذلك لأسباب عديدة، من أهمها، انتهاء الحروب التقليدية في العام 1973 وصعود الحروب الجديدة غير المتناظرة مع منظمات مسلحة، والتي لا تتطلب تجنيد قوات الاحتياط بشكل كبير، كما في الحروب التقليدية كان آخر أكبر استدعاء للاحتياط في تاريخ الجيش حتى العدوان الأخير على غزة، في العام 1973.

بلور الجيش رؤيته لبنيته العسكرية بناءً على خارطة التهديدات الجديدة المتمثّلة في الخطر النووي الإيراني، وتهديد منظمات عسكرية ليست بجيش نظامي، فركز على الوحدات العسكرية التي تخدم رؤيته لخارطة التهديدات الجديدة، وخاصة سلاح الطيران، ومنظومات الدفاعات الجوية والهجوميّة، والوحدات الخاصة، وأهمل باقي القطاعات العسكرية – وخاصةً سلاح المشاة – التي تعتمد على منظومة الاحتياط.

احداث 7 أكتوبر كشفت عن بالونة وهم

شكلت أحداث السابع من أكتوبر عاملًا للمباغتة والفجئة رغم رفع الدافعية لجنود الاحتياط للتجنيد في الجيش، وخاصة أنه تم تأطير الحرب في الخطاب الإسرائيلي على أنها حرب وجودية، ولكن إطالة الحرب كانت غير متوقعة، حيث شعر فيها جنود الاحتياط بالتعب والإرهاق النفسي والاقتصادي والاجتماعي.

تشير معطيات مؤسسة التأمين الوطني، إلى أن 1000 مصلحة تجارية تابعة لجنود الاحتياط، أغلقت في الستة أشهر الأولى للحرب، أي 6% من مجمل المصالح التجارية التي أغلقت وهو معدل أعلى من معدل المصالح التجارية التابعة لجنود احتياط في السوق.

وتتوقع مؤسسة التأمين الوطني أن يزداد هذا العدد خلال العام 2024، وتضيف المعطيات أنّ حوالي 50% من المصالح التجاريّة لجنود الاحتياط التي أغلقت موجودة في مركز البلاد وتل أبيب، وحوالي 25% في الشمال وحيفا، و13% في الجنوب.

تؤكد هذه المعطيات حقيقة هامّة، أشارت إليها الكثير من البيانات حول جنود الاحتياط، فتواجد أغلب المصالح التجارية في المركز، يدلّ على أن الشرائح التي تخدم في الاحتياط هي شرائح اجتماعية قوية اقتصاديًا، وهي التي تتحمل العبء الأساسي في الخدمة العسكرية، وما يرافقها من دفع أثمان اقتصادية عالية. والأهم الخسائر البشرية في صفوف الاحتياط، ففي مئة اليوم الأولى من الحرب قتل 200 جندي احتياط في الحرب، وهو عدد كبير يُهدد دافعية جنود الاحتياط للخدمة. لا تنحصر التداعيات الاقتصادية على جنود الاحتياط في إغلاق مصالحهم التجارية

تجنيد الحريديم ورفض التشريعات الصهيونية

ترافق الغضب لدى جنود الاحتياط في قرارين اتخذتهما الحكومة الإسرائيلية خلال الحرب أديا إلى مزيد من تراكم غضب جنود الاحتياط، وتراجع دافعيتهم للخدمة العسكرية؛ الأول هو محاولة الحكومة تشريع قانون يعفي المتدينين من الخدمة العسكرية دون المساس بالامتيازات الاقتصادية التي يحصلون عليها، والقرار الثاني الذي ينص على رفع سنّ خدمة الاحتياط إلى 41 عامًا. تشير المعطيات إلى أن 3% فقط من الإسرائيليين يخدمون في الاحتياط، والقانون الجديد لا يوسع خدمة الاحتياط فحسب، بل يزيد العبء على هذه الشريحة القليلة جدًا من الإسرائيليين، حيث إن خدمة الاحتياط سوف تزداد بنسبة 133% عما كان في السابق.

يدرك جنود الاحتياط حسب أوراق تحليلية إسرائيلية أن تجنيد الحريديم سوف يقلل من أيام الاحتياط لهم، فوَفق دراسة إسرائيلية فإن إضافة 9000 جندي نظامي للجيش، والذين يُمكن تجنيدهم من صفوف الحريديم، من شأنه أن يوفر أيام احتياط في الجيش تصل إلى 3 ملايين يوم في السنة.

الحرب على قطاع غزة كشفت هشاشة الجيش وجهوزيته، بين جيش فضح وكشف و بات يلقب ب “بالونة وهم” ومنظمات مقاومة مسلحة أصبحت رمزا للشجاعة و الإنسانية بشكل يتناقض من رؤية العصابات الصهيونية المعسكرة ذات العتاد الامريكي .

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *