إعداد سارة الجمل: قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية
المقدمة:
شكّلت قمة حلف شمال الأطلسي الناتو الخامسة والسبعين التي عُقدت في الفترة من 9 الى 11 أوت في العاصمة الأمريكية واشنطن حدثًا هامًا عالميا.
فبينما اجتمع القادة للاحتفال بمرور 75 عامًا من الدفاع الجماعي والتعاون الاستراتيجي، كانت القمة أيضًا بمثابة حدث رئيسي لمواجهة التحديات الأمنية المعاصرة وتشكيل مستقبل الناتو الذي يوشك على الإنهيار وفيه مشاكل وإضطرابات كبيرة.
ربما لم يتعرض هذا الحلف منذ تأسيسه في عام 1949، لاختبار شامل مثل اليوم نظرًا للتطور السريع في المشهد السياسي الأمني الصاعد في أوروبا والشرق الأوسط.
الجدل الدولي الخطير حول علاقة روسيا والصين
دعا قادة حلف الناتو الصين إلى ضرورة إيقاف جميع أشكال الدعم المادي والسياسي للمجهود الحربي الروسي، بدعوى أن بكين أصبحت ممولًا رئيسيًا للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية.
وقالوا إن هذه “المساندة ” تشمل نقل سلع مثل مكونات الأسلحة والمعدات والمواد الخام التي تستخدم كمدخلات في قطاع الدفاع الروسي.
وصرح الأمين العام لحلف الناتو “ينس ستولتنبرغ”: “أعتقد أن الرسالة التي بعث بها الناتو من هذه القمة قوية جدًا وواضحة جدًا، ونحن نحدد بوضوح مسؤولية الصين عندما يتعلق الأمر بتمكين روسيا من الحرب”.
كما تضمّن البيان الختامي اتهامات للصين بوقوفها وراء أنشطة سيبرانية مستمرة وخطيرة، بما في ذلك التضليل الإخباري والتشويش الإعلامي.
وأثار أيضًا الإنذارات من أن الدولة الصينية تسعى حاليا إلى توسيع وتنويع أسلحتها النووية بسرعة وأنظمة الاتصال المتطورة. ونسي الحلف أن هذا من حق الصين بأن تطوّر اسلحتها وسياستها الردعية لقوى الشر التي تضمر لها العداوة وتدعم الحركات الإنفصالية في محورها وتدعم “تايوان” للإنفصال على أرضها الصينية الموحدة.
وأضاف “راسل” الذي يشغل منصب نائب الرئيس لشؤون الأمن الدولي والدبلوماسية في معهد آسيا سوسايتي للسياسات: “إنها علامة على مدى فشل محاولة بكين في التماهي بين روسيا وأوروبا الغربية ومدى فشل ادعاءاتها بالحياد. لقد أسفرت محاولات الصين لفرض سياسة “فرّق تسد” عن تضامن ملحوظ بين الدول الرئيسية في المنطقة الأوروبية الأطلسية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ”.
الصين ترد على اتهامات حلف شمال الأطلسي
صرح مسؤول صيني برفض اتهامات أعضاء حلف شمال الأطلسي “الناتو” بأن بكين أصبحت “عاملاً حاسماً” في الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال المسؤول إن الاتهامات غير مبررة وتستند إلى تكهنات غير واقعية تهدف إلى تشويه صورة الصين على الساحة الدولية.
وأدانت الصين بشدة البيان الذي أصدره قادة حلف الناتو في ختام قمتهم في واشنطن، معربة عن “استيائها الشديد” ووصفت البيان بأنه “مشبع بخطاب الحرب الباردة والخطاب العدائي المليء بالأكاذيب”.
وأضافت أن مثل هذه التصريحات، لا تؤدي إلا إلى تفاقم الاضطرابات العالمية وإعاقة الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار والسلام.
كما أكدت على سياستها الخارجية القائمة على احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وأكدت الصين أن علاقتها الدبلوماسية بروسيا تستند على الاحترام المتبادل ولا تهدف إلى تمويل أي نزاع عسكري.
أشارت الصين على حلف الناتو بضرورة التوقف عن توجيه اتهامات لا أساس لها وبذل جهود لتعزيز الحوار والتعاون الدولي من أجل مواجهة التحديات العالمية المشتركة.
فالمحاولات الهادفة إلى تقسيم العالم إلى معسكرات متنازعة لن تسفر إلا عن تفاقم الأزمات و تصعيد التوترات الدولية.
تمويل الناتو لأوكرانيا مستمر
تعهد قادة الناتو بتزويد أوكرانيا بما لا يقل عن 40 مليار يورو كمساعدات عسكرية خلال السنوات القادمة وان انضمام أوكرانيا للناتو سيتحقق عندما يحين الوقت المناسب.
أكد الرئيس الأمريكي جو بادين على استمرار تقديم المساعدات العسكرية الضخمة لأوكرانيا، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي جديدة.
حيث أشار الى التزام الولايات المتحدة بدعم أوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسي وتعزيز قدراتها الدفاعية و هذه المساعدة تأتي في إطار التعاون الأمني والعسكري مع الشركاء في أوروبا وتعزيز الاستقرار والأمن الدولي.
ويدعو البيان أيضًا جميع الدول إلى عدم تقديم أي مساعدات لروسيا، ويدين أولئك المسؤولين عن تسهيل وإطالة الإجراءات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ويقرر وضع مجموعة من النقاط حول نهج استراتيجي حول العلاقات مع موسكو في قمة الحلف القادم.
الخلاصة:
تتصاعد حدة التوترات بين حلف شمال الأطلسي “الناتو” والصين بسبب علاقات الأخيرة الوثيقة مع روسيا، مما يؤدي إلى تفاقم الخلافات العالمية.
إذ يطرح بيان حلف شمال الأطلسي المخاوف الغربية بشأن تطوير بكين لقدراتها النووية والفضائية مما يعكس القلق المتزايد بشأن تأثير هذه التطورات على الأمن والاستقرار العالمي.