الأثنين. ديسمبر 23rd, 2024

تعد العلاقة بين الولايات المتحدة وتايوان من أكثر العلاقات تعقيدًا وتأثيرًا في المشهد الجيوسياسي العالمي. أصبحت تايوان محورًا للنزاع بين الصين والولايات المتحدة، حيث تعتبر الصين تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، بينما ترى الولايات المتحدة في تايوان شريكًا استراتيجيًا وديمقراطيًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخاصة تعتبرها خنجرا في الخاصرة الصينية .

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التوترات مع اتهامات الصين للولايات المتحدة بدعم القوى الانفصالية في تايوان، ما يثير تساؤلات حول دوافع واشنطن واستراتيجياتها في هذا السياق؟

إن دعم الولايات المتحدة لتايوان يعتمد بشكل كبير على السياق الجيوسياسي والاقتصادي والاستراتيجي.

تقع تايوان في منطقة حساسة جيوسياسيًا في آسيا والمحيط الهادئ، وتلعب دورًا حيويًا في موازنة النفوذ الصيني في المنطقة.

من خلال دعم تايوان، تسعى الولايات المتحدة إلى منع الصين من فرض هيمنتها الكاملة على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. تايوان تقع في موقع استراتيجي بالقرب من الممرات البحرية الحيوية والتجارية، لذا فإن الحفاظ على استقلاليتها يعزز من قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.

الولايات المتحدة ترى أن أي محاولة من قبل الصين لفرض سيطرتها على تايوان بالقوة يمكن أن تؤدي إلى صراع واسع النطاق في المنطقة.

تستمد العلاقة بين الولايات المتحدة وتايوان قوتها وثباتها لأكثر من 40 عامًا من خلال تطبيق قانون العلاقات مع تايوان “تي آر إيه” (TRA)، الذي أقره الكونغرس في عام 1979، حجر الأساس لهذه العلاقات، إذ يقنن تسليح تايوان لتدافع عن نفسها.

إن الولايات المتحدة تحافظ على علاقات وثيقة مع تايبيه وتزودها بالأسلحة، مما يفسر على أنه دعم ضمني للقوى الانفصالية في تايوان.

يزيد الدعم العسكري الأمريكي لتايوان من التوترات العسكرية في المنطقة، مما يدفع الصين إلى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة التهديدات المحتملة.

مشاركة الولايات المتحدة في تدريبات عسكرية مشتركة مع تايوان يمكن أن تزيد من استعداد الصين لإجراء تدريباتها الخاصة في المنطقة، مما يزيد من حدة التوتر.

تقوم الولايات المتحدة بتزويد تايوان بالأسلحة والمعدات الدفاعية اللازمة لتمكينها من الحفاظ على قدراتها الدفاعية ضد أي تهديدات خارجية.

صفقة الأسلحة في عام 2020: شملت الصفقة 100 منظومة صواريخ مضادة للسفن من طراز هاربون (Harpoon) و400 صاروخ بقيمة 2.37  مليار دولار.

صفقة الأسلحة في عام 2019: بيع 66 مقاتلة من طراز F-16. بقيمة 8 مليارات دولار.

صفقة الأسلحة في عام 2018: بيع أنظمة دفاع جوي من طراز باتريوت (Patriot).بقيمة 330 مليون دولار.

التدريب والمشورة: يقدم الخبراء العسكريون الأمريكيون التدريب والمشورة للقوات التايوانية لتحسين كفاءتها القتالية والتكتيكية.

تعتبر تايوان واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. في عام 2020، كانت تايوان في المرتبة التاسعة كأكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.

 الاستثمارات التايوانية في الولايات المتحدة: تستثمر الشركات التايوانية، مثل TSMC، في بناء مصانع ومراكز بحث وتطوير في الولايات المتحدة، مما يعزز الاقتصاد الأمريكي ويوفر فرص عمل.

تهدف المبادرة إلى تعزيز قدرات تايوان الصناعية والتكنولوجية من خلال التعاون مع الولايات المتحدة. يركز المشروع على تطوير الصناعات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وتقنية المعلومات، وأشباه الموصلات، وذلك لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام وخلق فرص عمل جديدة.

دعت الصين، الولايات المتحدة إلى “التوقف عن التواطؤ مع القوى الانفصالية لاستقلال تايوان أو دعمها”.

وقال متحدث الخارجية الصينية: “كل من يسعى إلى استقلال تايوان سيجد نفسه محطما في إطار التوجه التاريخي لإعادة توحيد الصين بالكامل”.

وأردف متحدث الخارجية أن “الشعب الصيني القوي البالغ تعداده 1.4 مليار نسمة سيقاوم أي نشاط انفصالي من أجل استقلال تايوان”.

وتطالب بكين بضم تايوان، وهي جزيرة يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، باعتبارها مقاطعة انفصالية، بينما تصر تايبيه على استقلالها منذ عام 1949.

ولا تعترف الصين باستقلال تايوان وتعتبرها جزءا من أراضيها وترفض أي محاولات لانفصالها عنها، بالمقابل لا تعترف تايوان بحكومة بكين المركزية.

  كما تعتبر أي دعم أمريكي لتايوان تدخلاً في شؤونها الداخلية.

حذرت الولايات المتحدة من أنها ستواجه “عواقب وخيمة” إذا دعمت استقلال تايوان.

إذ أن الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان رسميًا، وتؤكد التزامها بمبدأ “الصين الواحدة” ومع ذلك، فإنها تحافظ على علاقات وثيقة مع تايوان وتزودها بالأسلحة، مما يفسر على أنه دعم ضمني للقوى الانفصالية هناك.

هذا الموقف الأمريكي المتوازن يثير غضب الصين، التي ترى فيه تواطؤًا مع القوى الانفصالية في تايوان. وتطالب بكين واشنطن بالتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية.

الصين تؤكد أن وحدة تايوان مع الصين “حتمية”، وأنها لن تتسامح مع أي محاولات لتعزيز استقلال الجزيرة.

وهذا يشكل نقطة خلاف رئيسية بين الولايات المتحدة والصين.

التوترات بشأن تايوان تلقي بظلالها على العلاقات الأمريكية الصينية بشكل عام، وتؤثر على التعاون بينهما في قضايا أخرى. وهذا يجعل من الصعب على البلدين الحفاظ على علاقات مستقرة.

في خضم المنافسة الجيوسياسية والاقتصادية بين القوى العظمى، يمثل دعم الولايات المتحدة لاستقلال تايوان جزءًا محوريًا من استراتيجيتها الأوسع في منطقة آسيا ولكن هذا الدعم لا يخلو من التحديات والمخاطر، حيث يؤدي إلى تصاعد التوترات مع الصين ويزيد من احتمالية النزاعات العسكرية والدبلوماسية.

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *