الأحد. نوفمبر 24th, 2024

في ظل الاضطرابات والتغيرات السياسية العالمية، تواصل الصين تنفيذ المبادئ الخمسة للأمن والسلم العالمي والترويج، فحمهورية الصين الشعبية لطالما كانت مساهما هاما في الأمن والسلام الدوليين وخاصة الدفاع على حرّية الشعوب ومساندة القوى التحرّرية في العالم.

ويوافق هذه السنة 2024 الذكرى السبعين للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي طرحها رئيس مجلس الدولة الصيني الأسبق تشو إنلاي.

 هذه المبادئ التي تم تطبيقها وتطويرها على مدى سبعين عاما أصبحت القواعد الأساسية للعلاقات الدولية والمبادئ الأساسية للقانون الدولي ولكن القوى الشريرة في العالم تناهض هذه المبادئ وتخترقها بكل وقاحة.

فقبل سبعين عاما، قدّم رئيس مجلس الدولة “تشو إنلاي” لأول مرة المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وهي على التوالي:

1 الاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي،

2 عدم الاعتداء المتبادل،

3 عدم التدخل في الشؤون الداخلية،

4 المساواة والمنفعة المتبادلة،

5 والتعايش السلمي.

 وقد تمّ تقديم هذه المبادئ في وقت كانت فيه حركات التحرر من الاستعمار على أشدّها حول العالم، وكانت العديد من الدول المستقلة الناشئة بحاجة ماسة إلى إطار دولي عادل ومنصف للعلاقات الدولية، لهذا قدّمت الصين هذه المبادرة من أجل إنهاء الإستعمار ومساندة لحركات التحرر العالمي ومساعدة الدول حديثة الإستقلال.

كما حظيت المبادئ الخمسة للتعايش السلمي بقبول واسع في المحافل الدولية مثل مؤتمر جنيف. وأصبحت هذه المبادئ القاسم المشترك الأكبر في معالجة العلاقات بين الدول وأُدرجت في سلسلة من الوثائق الثنائية والمتعددة الأطراف، لتصبح قواعد أساسية للعلاقات الدولية الحديثة ومبادئ أساسية للقانون الدولي.

فتاريخ الصين هو تاريخ المبادئ السلمية والتعايش، فلم تكن الصين يوما دولة استعمارية ولا دولة تهيمن على الدول وتسرق ثرواتها، بل دولة الإحترام المتبادل.

 فمثلا لم تنهب الصين ثروات أي بلد ولم تدخل في علاقات تدمير للدول الأخرى فهي تحترم مبادئ “الرابح_رابح”  والتعاون المشترك، وكانت قوة دافعة للتقدم والتطور الإنساني.، كذلك تحترم السياسات الداخلية للدول فلا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول وتحترم خيارات الشعوب والسيادة الوطنية لكل دولة مستقلة.

وفي السنوات الأخيرة من عمر البشرية يشهد العالم تسارع غير مسبوق من التغيرات الكبرى وبطريقة غير مسبوقة، مما يجعل العالم يدخل مرحلة جديدة من الاضطرابات والتغيرات السلبية التي تهدد الإنسانية جمعاء.

فالعالم اليوم الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية وحق الشعوب في تحديد المصير ينظر الى الإستعمار الإسرائلي عاجزا وفي أغلب الأحيان مساندا للإحتلا.

ومنذ 8 اشهر قد سقطت كل الشعارات الكاذبة للدول الغربية التي كانت ترفع شعارات وهمية من أجل السيطرة على العالم، فأمام “الإبادة الجماعية” وقتل الأطفال والنساء وتدمير كل شيء بوحشية مفرطة سقطت ورقة التوت وأصبح العالم يعيش في كابوس المعيير المزدوجة والوهم والكذب…

 وراء كل هذه الفوضى العالمية الحاصلة اليوم والتي تعيشها شعوب العالم بكل خوف وقلق، تكمن أيدي تسعى للهيمنة والاستعمار من جديد وتغيير شكل العالم كما تريده لحساب مصالحها من دون مرعاة مصالح الشعوب الأخرى، بل وترفض أي تعددية وأي عدالة ولا سلام ولا تعايش سلمي، لأن مفهوم السلام بالنسبة لهذه القوى الإستعمارية مخالف تماما لما تريده قوى الخير في العالم، فالقوى الرأسمالية المتوحشة هي من تحدد مفهوم “السلام” بحسب قواعدها الإستعمارية.

كما لا يجب أن نلغي حقيقة الواقع الذي نعيشه، فسياسة القوة والهيمنة التي تمارسها بعض الدول الكبرى هي السبب الرئيسي في عدم حل كل الصراعات لفترة طويلة، بل وأكثر من ذلك فهي من تأجج هذه الصراعات وتسكب “الوقود على النار”… وأغلب شعوب العالم أصبحت تدرك ذلك جيدا.

فلو نأخذ على سبيل المثال الشعوب العربية في مجملها وهي تشاهد سياسة الكيل بمكيالين والجرائم والإرهاب المسلّط على الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي ترتكب في حقّه أبشع المجازر والمشاركة المباشرة للولايات المتحدة الأمريكية في هذه الجرائم… فالكل قد أدرك أنّ العالم الذي يسير وفقا لقواعد الولايات المتحدة وشركائها، لا يعترف إلا بالأقوياء وبمصالح واشنطن.

 وفي المقابل الضعفاء المحبون للسلام يتعرضون للتعذيب والتنكيل والقتل، وتُسلب حقوقهم، والغريب يتجاهل العالم “الديمقراطي جدا” ذلك، ويأتي لصفّ المجرم بل وأكثر فهم “يدافعون عن الشيطان” ويزوّدونه بالسلاح من أجل المزيد من الجرائم والإرهاب والتكيل ويصدرون البيانات والتصريحات بوقاحة لم تشهد لها البشرية سابقة.

وفي المقابل، الصين تكره المخاتلة والتلاعب بمصير الإنسانية وتلتزم دائما بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي، وتؤيد النظام الدولي الذي يركز على الشرعية الدولية والنظام الدولي القائم على القانون الدولي والذي يجب تطبيقه وتفعيله لا التلاعب به.

فالصين المحبّة للسلام اليوم أصبحت تلعب دورا رياديا في الوساطات الديبلوماسية ووضع مقترحات سلام ومصالحة في العديد من القضايا المعقّدة وأهمها الوساطة الناجحة بين “ايران والمملكة العربية السعودية” كذلك أغلب الشعوب العربية والإسلامية متأكدة من أنّا الوساطة الصينية في ملف الشرق الأوسط يسكون ناجا ومقبولا لأن الصين تحضى بثقة الجميع والكلّ يدرك نزاهتها وثباتها على مواقفها العادلة، وهذا ما لا تقبله واشنطن.

 فمنذ 75 سنة والصين ثابة على موقفها في القضية الفلسطينية وفي مسألة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وكانت ولا تزال تدعو للحوار السلمي والمفاوضات من أجل حلّ النزاع وحلّ الدولتين، وتؤكد على دور المجتمع الدولي في تحقيق حلّ عادل للقضية الفلسطينية ومناصرة الشعب الفلسطيني.

وفي الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي، الذي عقد مؤخرا في بيكين اعتمدت الصين والدول العربية سلسلة من الوثائق التي تدعم بوضوح القضية العادلة للشعب الفلسطيني، وتحث المجتمع الدولي على بذل جهود لتحقيق حل شامل وعادل ودائم للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

كما قدمت الصين خمسة مقتراحات في مجلس الأمن الدولي العام الماضي، تدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار، وخاصة أنّ الصين قد أكّدت على حماية المدنيين، وضمان المساعدات الإنسانية، وتعزيز الوساطة الدبلوماسية، وتحقيق حل سياسي، عادل يضمن حق الشعب الفلسطيني….

وبالعودة لما يحصل اليوم من تغيرات كبيرة ومتسارعة في العالم فإنّ المبادئ الإنسانية والشرعية السلمية ستجد مكانها وستتمّ الإطاحة بقوى الشرّ التي تمّ فضحها.

 بل وقد استفاقت الشعوب الغربية والشعب الأمريكي على كذب ومخاتلة قياداتهم السياسية، ومارست هذه الشعوب ضغطا كبيرا مناصرة لقضية الفلسطينية وبيّنت انّ الشعوب لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تدمير العالم والإنسانية، بل وستنتصر مبادئ التعايش السلمي التي دعت وتدعوا اليه الصين الشعبية في العصر الجديد.

كما أنه سيكون لصّين الحديثة مساهمة كبيرة في بناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والازدهار المشترك، تحت شعار “بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية”.

فأغلب شعوب العالم يتأملون خيرا في بديل انساني منصف يحترم الشعوب مثل جمهورية الصين الشعبية التي يوما بعد يوم تثبت للعالم أنها تسير بخطا ثابتة نحو جلب أملا جديدا للسلام والأمن والتعايش السلمي العالمي.

 والصين اليوم تواصل في منهج المبادئ الخمسة ومبادئ التعايش السلمي وروحها، كما ستلعب الصين مستقبلا دورا هاما في العالم الحديث، وسيكون دورها انساني ولصالح البشرية في دفع العلاقات الدولية نحو اتجاه أكثر عدالة وإنصافا وسلاما.

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *