الخميس. ديسمبر 26th, 2024

ضمن تقرير أممي لرصد تحركات أخطر التنظيمات المسلحة جاءت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين كأحد أخطرهم في انعدام الأمن  بمناطق متفرقة من أفريقيا، ومؤدى ذلك هو توسع انتشار التنظيمات الإرهابية وخصوصاً في منطقتي الساحل وغرب أفريقيا، حيث يرتبط  الأمر بشكل وثيق مع ازدياد نفوذ “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” الموالية لتنظيم “القاعدة”، و”الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” المُوالية لـ”داعش”.

“جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” هي واحدة من أشرس التنظيمات المسلحة على مستوى العالم، بسبب تنوُّع هجماتها الدموية ضد العسكريين والمدنيين على حد سواء، وأيضاً بسبب انتشارها الجغرافي الواسع في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو والصومال، خصوصاً في المنطقة الحدودية بين تلك الدول.

جحافل من هذه المعسكرات عززت وجودها في تلك المناطق عبر إقامة “محاكم خاصة” بها بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك لفرض هيمنتها على السكان المحليين فضلاً عن “فرضها الضرائب”، و”السيطرة على طرق التجارة والتهريب وفرض الإتاوات على التجار والمهربين”، وهو ما يجعلها واحدة من أغنى التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وذلك ما يمكنها من الانفاق على عناصرها وتمويل أنشطتها بشكل جيد للغاية.

وتضمّن التقرير الأممي معلومات وافية عن التنظيمين الإرهابيين، والجماعات التي ترتبط بهما وهويات أمرائها ومصادر تمويلها والشبكات التي تربطها فيما بينها.


إنّ هذا الأمر يطرح تساؤلات مهمة حول التهديدات الأمنية التي تشكّلها الجماعة في منطقة الساحل الأفريقي، بل وتصاعد مخاطرها وانتشارها على كامل ربوع القارة من جنوبها الى شمالها في السنوات الاخيرة خاصة، على الرغم من أن الأجهزة الحكومية لبعض الدول أقرت صراحة بنجاحها في القضاء على الإرهاب علاوة على الجهود الإقليمية التي تقول أنها تنسق معا في تطويقها عبر الحدود .

تعد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تأسست مطلع 2017 تنظيماً إرهابيّاً غير تقليدي، ليس فقط بسبب قوتها العسكرية وكثافة أعداد مقاتليها مقارنة بالمجموعات الإرهابية الأخرى في منطقة الساحل والصحراء، وإنما أيضاً لكونها خليطاً من عدة مجموعات إرهابية متنوعة عرقيّاً يجمعها الولاء لتنظيم القاعدة، وهي جماعة “أنصار الدين” و”كتيبة المرابطين” و”إمارة منطقة الصحراء الكبرى” و”كتائب تحرير ماسينا”، و يتركز ثقلها في شمال مالي.

الفكر القاعدي لهذه الجماعات يرتكز على مبدأ أولوية قتال العدو القريب المتمثل في جيوش المنطقة او البعيد بناء على المصلحة التنظيمية التي جندتهم  وطبيعة الأوضاع على “الأرض”  بمفهومهم الجغرافي الخاص ، وترتيب أولويات الاستهداف لدى الجماعة، وربما هذا ما يفسر الهجمات المستمرة في مالي والنيجر وبوركينافاسو بهجمات تقليدية أو انتحارية.

نصرة الإسلام كأكبر تحالف تنظيمي قاعدي على مستوى العالم، جعلها تتحول إلى تنظيم عابر للحدود بسبب نشاطها في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد والصومال وموريتانيا، وهي الدول التي باتت الجماعة تسيطر على بعض المناطق فيها سيطرة ترابية ومكانيةوتؤسس فيها ما يشبه الإمارات الجهادية الصغيرة، أملاً في تكرار سيناريو السيطرة الكاملة على المدن وإعلان قيام نموذج حكم ديني وإمارات

كما استغلت الجماعة مؤخراً الفوضى التي ضربت المنطقة والتداعيات التي فرضها السياق الامني الدولي اليوم من اجل اعادة رسم هيمنتها على مناطق نفوذها

ومن اللافت للنظر في هذه العمليات أنّ الجماعة لم تعتد على تنفيذ هجمات بهذه الطريقة  في اطار تنظيمات ومعسكرات واسلحة متطورة وموارد مالية وبشرية هامة علاوة على ما تحققه من عائدات و مرابيح وإتاوات متنوعة المصادر فهي ذات انشطة دولية حدودية كتجارة السلاح و المخدرات والمحروقات تهريب البشر وتجارة البضائع والسيطرة على الثروات منها ابار النفط و موارد الماء والمعادن الثمينة وكل ماهو مستهلك على مستوى عالمي لكنها سوق سوداء.

وبذلك أسست من خلاله أسواقا واقتصاديات عجزت عنه دول، وهو ما جعل الأمر يبدو وكأنه أشبه باستعراض للقوة من قبل الجماعة لإثبات الوجود والأحقية في السيطرة على الحدود مع موريتانيا والسنغال مثلا كمناطق نفوذ خالصة لها من بين المجموعات المسلحة الأخرى وخصوصاً تنظيم داعش.

وصل الأمر الى انشاء قنوات بث واتصال اعلامي خارجي وصفحات “الإرهاب الإلكتروني” لعرض أنشطتها وإعلاناتها وتبني عملياتها كالتفجيرات والفخاخ والرهائن والاحتجاز والقرصنة وما اليه من حشد كبير لعناصر تدربها فيما بعد ضمن معسكراتها عبر وسائل التواصل.

واعتمادا على المعطيات الأنية يرجح أن يستمرَ تصاعد تهديدات الجماعة، خلال الفترة القادمة، على نحو يزيد من تعقيد المشهد الأمني في الساحل الأفريقي الذى يبدو أنه لن يستقر على المدى القريب في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة.

أسهمت في تمدد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتصاعد تهديداتها الأمنية، يتعلّق بعضها بالأوضاع السياسية والأمنية ، بينما يتعلق بعضها الآخر بالتحالفات القبلية والعرقية للجماعة فضلاً عن تماسكها التنظيمي القوي، وتوافر مصادر التمويل الجيدة.

يضاف إلى هذه العوامل قدرة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين على التوسع في الاستقطاب والتجنيد، وهو ما وفر لها إمكانيات مادية وبشرية تستطيع من خلالها الاستمرار في أنشطتها الإرهابية والتوسع فيها وليس هذا فحسب بل إنها تصعّب من جهود الدول في  مكافحة الإرهاب للقضاء عليها واستغلال حالة القطيعة التامة بين بعض الدول او ضعف التنسيق خصوصاً في ظل رغبة الجماعة في تصدر مشهد الإرهاب في المنطقة وهو ما يحذر من تصدير عملياتها على المدى الجغرافي الشاسع وحدوث اعمال ارهابية غير متوقعة.   

By amine

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *