تقرير مريم الجميلي قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 12-06-2024
تقديم:
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتمد على مجموعه متنوعه من المستشارين والمفكرين في صياغه سياساته وتوجهاته، هؤلاء المفكرين ينتمون إلى خلفيات مختلفة تشمل السياسة، الاقتصاد، الامن، والفكر الاستراتيجي.
على مدى السنوات العشرين التي قضاها في الكرملين، تمكن فلاديمير بوتين من تكوين مجموعة واسعة من “الحلفاء الأقوياء” يطلق عليهم “السيلوفيكي”، الذين شكلوا نواة صلبة لحكم قوي في روسيا، ويتمتعون بعقلية معادية للغرب.
رجال “المنطقة المحظورة”
وهم المقرّبون من الرئيس الروسي الذين يؤثرون في أفكاره وقراراته ويساهمون في تمويل عملياته العلنية والسرية.
المقصود “بالمنطقة المحظورة” الدائرة الضيقة للرئيس بوتين التي تلعب دوراً مباشراً في تحديد التوجهات الأساسية للسياستين الداخلية والخارجية للاتحاد الروسي.
يحصر المراقبون الدائرة الضيقة من رجال الأعمال حول الرئيس الروسي في عدة شخصيات تؤثر في استراتيجية عمله المحلية والدولية، هنا أبرزها:
نيكولاي باتروشيف : رجل المواجهة مع الغرب
هو الآن رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي منذ 2008، بعد تدرج صاعد في المناصب داخل جهاز الاستخبارات ويعد “الصقر الرئيسي” في فريق الرئيس ازداد نفوذه ومكانته في الدائرة الضيقة لبوتين، بسبب التأثير المتزايد للمجلس على تنظيم الصناعة، والاقتصاد عامة.
فالمجلس هو الجهة المسؤولة عن حماية السرية في قطاع التصنيع، على ضوء تصاعد المواجهة بين روسيا والغرب ويقال إنه من أقرب الرجال إلى بوتين، إذ يستمع إليه أكثر من أي شخص آخر.
قال لصحيفة “كوميرسانت” الروسية عام 2015 إن “الولايات المتحدة تفضل ألا تكون روسيا موجودة على الإطلاق كدولة”.
إيغور سيتشين: أقوى رجال النفط
رئيس إحدى أكبر شركات النفط في العالم روسنفت Rosneft وهو أحد أقرب المقربين لبوتين، فهو ظله وعيناه وذراعاه، ودماغه خاصة عندما يطلب الدعم في تطوير “وزارات القوة” كالدفاع والأمن هو أحد أقوى الرجال في روسيا.
وكان يتمتع بمكانة أفضل في جهاز كي جي بي، مخابرات الاتحاد السوفييتي، مقارنة ببوتين نفسه. ثم عمل معه منذ أوائل التسعينيات في مكتب عمدة سان بطرسبورغ، قبل أن يتبعه إلى موسكو، وواصل العمل مساعداً للرئيس ثم نائباً لرئيس الوزراء.
لقد كان لسيتشن على الدوام خط مباشر مع بوتين، والعديد من الروس كانوا يفترضون أنه أيضاً عين وأذن جهاز الأمن الفيدرالي على قطاع الموارد الطبيعية، الذي يشكل جوهر الاقتصاد الروسي، ومركز شبكات القوى الفاسدة في البلاد.
سيرغي شويغو وزير الدفاع الذي أعاد للجيش الروسي “هيبته”
ربما يكون الصديق والمستشار الأقرب لبوتين هو في الواقع سيرغي شويغو، وزير الدفاع، وهو أيضا مسؤول عن وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، تبنّى شويغو ابتكارات ذات تقنية عالية، ودمج القوة الجوية والقوة الفضائية مع “القوات الجوية الفضائية الروسية” الجديدة، ورفع رواتب الضباط.
تبنّى شويغو ابتكارات ذات تقنية عالية، ودمج القوة الجوية والقوة الفضائية مع “القوات الجوية الفضائية الروسية” الجديدة، أحد المقربين من الرئيس الروسي، حيث يذهبان في رحلات صيد حظيت بتغطية إعلامية واسعة إلى سيبيريا. وشويغو ليس رجلا عسكريا، لكن منذ تعيينه في وزارة الدفاع عام 2012 أشرف على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وتدخلها في سوريا.
كوفالتشوك: صديق العائلة والرجل الثاني في البلاد
وصفت وزارة الخزانة الأمريكية “كوفالشوك “Yury Kovalchuk بأنه “أمين صندوق بوتين”، وهو شخصية رئيسية، يمكن العثور عليه في كل منعطفات تمويل قصر البحر الأسود وفي النظام المالي بأكمله، وهو يرافق بوتين والمقربين منه. كان مفتاح التغيير الكبير تلك العلاقة الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي بدأت في مطلع ذلك العام.
منذ صيف عام 2020، أصبح بوتين وكوفالتشوك لا ينفصلان تقريباً.يخطط الاثنان معاً لاستعادة عظمة روسيا. ينقل مقال زيغار عن مصادر يصفها بالموثوقة أن سيد الكرملين فقد تماماً الاهتمام بقضايا الحاضر، كالاقتصاد، القضايا الاجتماعية ووباء كورونا. بدلاً من ذلك، أصبح بوتين وكوفالتشوك مهووسين بالماضي.
بوتين وكوفالتشوك يعتقدان أن الغرب استغل ضعف روسيا في تلك الفترة لدفع حلف الناتو إلى أقرب مكان ممكن من حدود البلاد. اليوم يعتقد بوتين، مثل ظله الأمين كوفالتشوك، أن روسيا في وضع تاريخي فريد يمكنها من خلاله أن تتعافى من سنوات الذل التي بدأت بسقوط الاتحاد السوفييتي.
ألكسندر دوغين: العقل المدبر والتوأم الفكري للرئيس:
بنظارته الطبية ولحيته التي تجعله قريباً من رجالات الرهبنة الأرثوذكسية الروسية التقليدية، يطلّ ألكسندر دوغين على روسيا والعالم منذ نحو عقدين من الزمن بأفكاره التي تجعل منه شريكاً أيديولوجياً في حكم روسيا، ولو من وراء الستار.
مفكر سياسي، ومنظر استراتيجي، ومتصوف سلافي، من مواليد عام 1962. درس الفلسفة، وحصل فيها على درجة الدكتوراه، ثم على الدرجة نفسها في مجال العلوم السياسية.
الحضارة الغربية متعثرة ولا تمثل مشتركات بشرية حضارية، وكل محاولاتها للتحديث والنهضة تسير وفق مصالح غربية تقوّض إرادة الدول المتوسطة والصغيرة، وتستغل حاجاتها وتستنزف مواردها، كما يقول أنصار النظرية. الرائد الأكبر للنظرية هو دوغين الذي أصبح صديق بوتين المقرب وأصدر عام 1998 مانيفيستو النظرية في كتاب بعنوان “مستقبل روسيا الجيوبولتيكي”.
أصبحت النظرية خط الدفاع الأول الذي التزم به بوتين ضد أمركة العالم. ضد التسليم بانهيار الإمبراطورية السوفييتية مجاناً، والتفوق الأمريكي وتصدر زعامة العالم الرأسمالي ووراثة مستعمرات الإمبراطوريات القديمة.ضد الاجتياح العجيب للعالم بأسره من طرف القوى الصناعية الغربية بعد الانهيار السوفييتي.
خلاصة
التوأم الفكري للرئيس قال مرة إن “العالم أقرب الآن إلى الحرب العالمية الثالثة من أي وقت مضى”.