الجمعة. نوفمبر 22nd, 2024

تقرير من إعداد: الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس

عندما ضرب الإعصار الشرق الليبي رأينا هبّة إنسانية ليبية ليبية، ووحدة أفرحت الجميع وأرجعت الأمل الى الوحدة الليبية التي عبثت بها الأيادي الدولية والمرتزقة وأشباه الساسة.

 فبقدر الحزن الشديد على الكارثة الإنسانية، رأها الليبيين حكمة من “الإلاه” من أجل رجوع الوحدة الليبية، وأن الشرق والغرب واحد، والمصاب جلل وعبرة لكل الليبين، وأن المصائب توحد النفوس وغيرها من العناوين “الرنانة” والإنسانية والشعارات التي كان الساسة في ليبيا ينضرون اليها كمسكنات للجروح…

ولم يمضي شهر على المصيبة ولا تزال فرق الإنقاذ تبحث عن الجثث والمصابين والمفقودين، إذ بتجار السياسية والمرتزقة والسماسرة، يخرجون من جديد يخرجون من القمقم ويرجع الصراع السياسي ليطفو على جثث الإعصار.

طبعا فالملف “ثقيل” بلغة السياسة والمال، فالموضوع فيه إعدة الإعمار، وميليارات الدولارات وعقود وأموال والواقع الليبي يقول أن الأغلبية لها علاقة إنتماء للكرسي وللدولار لا غير ولا صلة لهم بليبيا ولا بالشعب الليبي ولا بالدمار وحجمه، فعشرة سنوات من الدمار لم تحركهم فكيف سيحركهم كارثة إنسانية ومصاب جلل.

اليوم يطفوا على السطح الصراعات التي تقودها القوى الأجنبية والإقليمية والكل يلهث من أجل أخذ حصّته، والحسابات تحت الطاولة” فكل مجموعة لها “تكتيكها الخاص” وتنتمي الى قوة دولية وإقليمية خاصة بها وتضمن لها “عمولتها”، وكل مجموعة تريد أن تكون هي من تمسك بالملف… فالملف كما سبق وأشرنا “ثقيل”.

 فمثلا صوّت البرلمان على إقرار ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليارات دينار ليبي لمعالجة آثار الكارثة الإنسانيىة… طبعا هذه الميزانية وهذا القرار لا يحلوا للمجلس الأعلى للدولة فله حساباته الخاصة وأجندته التي تحركه…فأعلن مباشرة رفضه قرار البرلمان اعتماد ميزانية إعادة إعمار مدينة درنة، وقال إنها من صلاحيات السلطة التنفيذية ولا يحقّ للبرلمان “التفرّد” بالميزانية وبالدولارات فالمشكل المطروح من سيمسك بيده العقود ومن سيمسك بيده المليارات….

هذا الرفض يعتبر خطوة من شأنها أن تثير خلافات بين الطرفين وقد تعيق مشروع إعادة الإعمار، ومن هنا ستبدأ عملية الترضيات ورفع السقف وتحريك الدمى المتحركة التي تعمل كل واحدة لصالح قوة دولية وإقليمية.

والخميس الماضي، صوّت البرلمان على إقرار ميزانية طوارئ بقيمة 10 مليارات دينار ليبي، لمعالجة آثار الفيضانات في المناطق المتضررة، وشكّل لجنة يقودها رئيس البرلمان، وتضم محافظ مصرف ليبيا المركزي ومندوبا عن القيادة العامة للجيش الليبي يختاره المشير خليفة حفتر، على أن تتولى فتح حساب في مصرف ليبيا المركزي تودع فيه المخصصات والمعونات المحلية والدولية، والإشراف على صرفها للأغراض المخصصة لها، كما تم تكليف لجنة تشريعية لإعداد مشروع قانون إنشاء صندوق إعمار ليبيا، يعرض على المجلس في الجلسات القادمة لاعتماده.

هذه القرارات قد اثارت حفيظة المجلس الأعلى للدولة، واعتبر أن “اعتماد أي ميزانية طارئة منوط بالسلطة التنفيذية، ولا يحتاج لتدخلّ تشريعي”، مضيفا أن قانون الميزانية يخضع لقواعد عرضها على المجلس الأعلى للدولة، وأن تخصيص أموال للإعمار مسألة تحتاج إلى إعطائها الوقت الكافي من الدراسة وتحديد الاحتياجات والأولويات، وهي مسألة أمن قومي لا يحق لأي جهة التفرّد بها.

كما اعتبر المجلس الأعلى للدولة أن ما صدر عن البرلمان “لاغيا” وتجنب اتخاذ قرارات بإرادة منفردة وبالمخالفة للاتفاق السياسي، من أجل ضمان حسن إدارة واستخدام وحفظ المال العام وعدم العبث به.

الخلاصة:

عندما يتعلق الأمر بالمال والميليارات فلا وحدة ولا كوارث ولا جثث توحد الليبيين المنقسمين والتي قسمهم السياسي في الداخل والخارج…

فالرجوع الى “الشيطنة” والصراعات هو إنعكاس لحقيقة الأطراف السياسية في ليبيا فهي أبعد من أن تتوحد أو حتى توحد جهودها من أجل تجاوز الكارثة الإنسانية التي ضربت الشعب الليبي…

الصراع بين السياسيين يعكس حقيقة أن السياسي في ليبيا في واد والشعب في واد ولا صلة بينهم وان تبقى نفس الطبقة السياسية تتلاعب مع القوى الدولية والإقليمية فلن يدركوا لا وحدة ولا استقرار في ليبيا والخاسر الوحيد هو الشعب الليبي…

فمتى تنزاح “غمّة” أشباه الساسة على ليبيا لتخرج نخبة سياسية شابة توحد الصف الليبي….؟

By Zouhour Mechergui

Journaliste