الأثنين. ديسمبر 23rd, 2024

يوم 29 افريل  2016 بنزل قلدن توليب “المشتل- تونس

مداخلة الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتجية الأمنية و العسكرية

المجتمع الليبي هو مجتمع قبلي لا تزال تحكم نسيجه الاجتماعي الاعراف و القوانين القبلية بالرغم من ان النظام السابق حاول احتواءه بضمه الى الدولة فأشركه في الحكم و تعامل مع رؤساء القبائل و العشائر بمعايير الاحتواء و التشارك و التشاور في الرأي حتى يقلل من حدّة العصبية القبلية و التنازع و الصراعات القبلية الا انه لم يقدر على خل هذه التركيبة الاجتماعية كما فعل الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة بحل النسيج القبلي من اجل الدولة الوطنية. لكن و بعد الإطاحة بنظام معمر القدافي رجعت العصبية القبلية لتطفو على السطح و ظهرت مظاهر الفوضى و الاقتتال و خرجت العديد من القبائل عن سلطة الدولة التي انهارت و انقلب الهرم القبلي لم تعد للقبيلة سلطة على افرادها و هذا ما اذكاه الناتو و عمل على اضعافه منذ سنة 2011 و برزت ظاهرة التسلح حيث امتلكت العديد من القبائل فصائل مسلحة جهزت بمعدات و أسلحة، و اضمحلت المؤسسة العسكرية واختلت التركيبة القبلية لينقلب الهرم، فأصبح الشيخ لا سلطة له امام سلطة السلاح و الشباب المتهور الذي يحلم بالزعامة و جني الاموال بالاعتداء على الغير ز استباحة الدماء و الاعراض و تغليب القوة على العقل و المعايير و الاعراف القبلية. وتم استحداث كيانات موازية تمثلت في اللجنة الأمنية العليا والدروع المسلحة تناوب على قيادتها شخصيات تنقصها الخبرة والمهنية والتخصص تنفذ اجندة تيار سياسي تتقاذفه اجندات خارجية.  فمثلا الحزب السياسي فجر ليبيا يقود مجموعة من العصابات نذكر منهم :

– المجموعة المقاتلة يقودها عبد الحكيم بالحاج

– لواء الصمود يقودها صلاح الدين بادي

– مجموعة القوة المتحركة يقودها سعيد قويجل و هي متواجدة في جنزور غرب طرابلس

– مجموعة انصار الشريعة يقودها يقودها الذواذي

– الدرع الوسطى

– لواء الحلبوس

– لواء المحجوب

 و غيرهم الكثير من المجموعات المسلحة و التي تطلق على نفسها العديد من المسميات و هي بالأساس تشتغل في النهب و السرقات و تتعامل بمنطق البقاء للأقوى منطق الغاب و يمكن ان تتحالف مع الشيطان اذ ليس لها عهد إلا مع من يدفع الاكثر.

كذلك اصبحت ليبيا بؤرة و ثكنة لللارهابين أين يجدون الأرضية سانحة للتدريب على السلاح و تكوين المجموعات الارهابية التى تأتي من كل مكان اين تفتح المطارات و الحدود البرية و البحرية لاستقبال الشباب الذي يتم استقطابه من كل الجنسيات و خاصة التونسيين و المصريين السودانيين و غيرهم من الجنسيات و تتم عملية التكوين المبدئي على الطاعة و الولاء ثم التدريب الميداني على القتال و السلاح و منها الانخراط داخل هذه التنظيمات الإرهابية سواء الالتحاق بأجنحة القاعدة او بداعش. لكن ما يجدر التنبيه اليه انّ هذه الثكنة هي الحاضنة المبدئية لللارهابيين  و منها يتم “التفريخ و بعثهم الى بؤر التوتر خاصة الى سوريا ، اليمن، العراق، الى تونس و الى اماكن اخرى كأوربا التى ليست بمنأى عن التهديدات و كذلك عن العمليات الارهابية. فاكثر الشواهد تثبت من ان اوربا كذلك هي هدف يعمل عليه المجموعات الارهابية. فعملية تسلل مجموعات من الارهابيين من ليبيا بعد التدريب على العماليات الارهابية تكون اما عبر قنوات غير رسمية مثل الهجرة السرية او عبر قنوات رسمية و ذلك من خلال الاوراق و جوازات السفر و الهويات المدلسة التى لا تترك مجالا للشك اذ زيادة على التدريبات الميدانية و القتالية و الارهابية في ليبيا هناك واقع اهر اسمه تزييف الاوراق الرسمية.

و في هذا العمل سوف نتطرق الى دراسة ميدانية حول المشهد الليبي الداخلي و التحولات الميدانية و مدى تأثيرها في الداخل و الخارج، كذلك النقطة الثانية هي حول انتقال الارهاب الى اوربا و خاصة الى الضفاف الشمالية للبحر المتوسط.   

 لكن في المقابل تُعتبر القبائل جزءًا من الحل في ليبيا لمحاربة الارهاب المتمدد والمساهمة في بناء الدولة، فمن خلال دعم القبائل  لعملية الكرامة في المنطقة الشرقية ، تكون الجيش الذي بدأ يحارب الارهاب في بنغازي ودرنة ، وسهلت معظم القبائل في برقة انضمام ابنائها للجيش ودعم مجلس النواب ووقف تمدد الارهاب بالمنطقة الشرقية .و منها ادرك المجتمع الليبي ان الحل يكمن في إعادة الدور وإعادة بناء التركيبة التقليدية للقبيلة و ذلك باتحاد القبائل يعني تأسيس المجلس الاعلى للقبائل و المدن الليبية لتحرير ليبيا و صد العدوان و المساهمة في المصالحة الوطنية و قد تم ذلك في العزيزية يوم 25 ماي 2014 و الذي من خلاله انشاء الهيكل التنظيمي للمجلس المعتمد بمدينة السلوق بتاريخ 7 اكتوبر 2015 اما بما يخض اختيار الرئيس و النائبين و المقرر فقد كان يوم  28اكتوبر2015 بمدينة بطّة الجبل الاخضر .

و بهذا فقد اكتسبت القبائل الشرعية التمثيلية عن المنطقة الشرقية و الغربية و الجنوبية من خلال رئاسة المجلس الاعلى للقبائل و المدن الليبية الذي ضمّ 3000 شيخا و منها اسس المجلس الاعلى للقبائل المتكون من ثلاثين شيخا  بواقع 10 اعضاء من كل منطقة و المجلس الاعلى للقبائل و يتكون من 240 عضوا بواقع 80 عضو من كل منطقة كما توزع المهام حسب التخصص يعني عبر لجان متخصصة ،هناك 13 لجنة : لجنة الشؤون السياسية و الخارجية- لجنة العمل الثقافي و الدعوى- لجنة الشؤون الاعلامية- لجنة الشؤون القانونية و حقوق الانسان- لجنة شؤون الشهداء و الضحايا و المعتقلين- لجنة شؤون المهجرين و النازحين- لجنة الحوار الوطني و المصالحة المجتمعية- لجنة الشؤون المالية و الادارية- لجنة شؤون المرأة – لدنة شؤون الشباب- لجنة شؤون المجالس الفرعية- لجنة الامن القومي- 

فلقد استفاقت حكومة طبرق على اهمية القبائل و تقربت من القبائل و اشركتهم في الحلول الميدانية و السياسية و ظمهم حفتر الى رايته وذلك من أجل الحصول على دعم الحكومة الشرعية المنبتقة عن مجلس النواب في طبرق ، وفتح الطريق امام عسكريين للانضمام للجيش الليبي الذين يعتبرون موالين للنظام السابق وذلك تحت ضغوط قبلية ومطالب واقعية فرضها الميدان و الظروف التي تعيشها البلاد، فمثلا تم تحرير ورشفانة بعد ثمانية  أشهر من العيش تحت راية فجر ليبيا و ميلشياتها، بدأت قبيلة ورشفانة  تغير من طريقة تعاملها مع ميليشيات فجر ليبيا حيث قامت في 3 افريل 2015، بإعداد العدة لهجوم مباغث على ميليشيات فجر ليبيا المتمركزة في مدينة العزيزية وضواحيها ، كردة فعل على الفظائع التي ارتكبتها فجر ليبيا باهالي ورشفانة و تم استرجاع ورشفانة بقوة السلاح و تحريرها من الميلشيات و بدأ جيش القبائل يسترجع  الثفة للشعب الليبي و امكانية تحرير ليبيا من الارهاب و العملاء.

وقد هاجمت الكتائب المسلحة  التابعة لورشفانة تساندها في ذلك قوات من الجيش الليبي مواقع تحت سيطرة فجر ليبيا، هذه الكتائب التي شكّلها في الاساس السكان المحليون، وقام بدعمها أهالي ورشفانة و رجال اعمال و نشطاء سياسيون وحقوقيون من ورشفانة، واستطاعت التشكيلات المسلحة التابعة لورشفانة  خلال ايام بسط نفوذها على المناطق في ورشفانة وطرد ميليشيات فجر ليبيا.

 و على اثر عمليه ورشفانة اصبح لليبين في المناطق الاخرى ثقة في انهم قادرين على تحرير مناطقهم بقوة السلاح و بالتظامن الاهلى و القبلي فالزنتان كذلك استطاعت ان تخوض حربا ميدانية ضد فجر ليبيا و تحرر اراضيها من قبضة ميلشيات فجر ليبيا، كما تبنّت قبائل الرجبان نفس هذا الموقف الذي اتخذتها ورشفانة و استطاعت ان تسترجع اراضيها و تكتسب خبرة في القتال.

اما على الصعيد  السياسي و المفاوضات فقد لعبت القبائل و رؤساء القبائل دورا هاما خاصة في حقن دماء الليبيين وبعد جهود من الاتصالات والمفاوضات بين قيادات سياسية واجتماعية من ورشفانة ومصراته وكتائب الحلبوص، تم ابرام اتفاق لوقف اطلاق النار بين الطرفين كان بداية لعهد جديد في مصالحات في المنطقة الغربية بين قوات الجيش وميليشيات فجر ليبيا، وكان زعماء من قبيلة ورشفانة قد وقّعوا بالفعل على الاتفاق الذي مكن من انهاء  8 أشهر من القتال، ويسمح  لنازحين بالعودة إلى ديارهم، ويخفف من تأثير الأزمة الإنسانية، ومن حدة التوتر بين الجماعات المسلحة المتنافسة في غرب ليبيا، كما عقدت لقاءت واتفاقات بين العديد من مدن وقبائل المنطقة الغربية منها الزنتان وغريان وككلة والزاوية والجميل، وقد تبنى هذا الموقف المصالح والمفاوض من قبل العديد من النشطاء السياسيين و شيوخ القبائل.

ويقع على رئيس حكومة التوافق  أن يبدي حرصه على كسب رضا القبائل الليبية لسببين : مساهمتهم في النزاعات المسلحة كتلك التي قامت من 2011 -2015 ، واقتتالهم الدائم فيما بينهمما صعّب بناء الدولة على السياسيين.

وقد وقعت العديد من  الحروب الجهوية و الايديولوجية الذي كان يقودها تيار الإسلام السياسي ضد قبائل ، كورفلة وورشفانة وقد كانت آخر الحروب القبلية الكبيرة إبان عملية فجر ليبيا بين قبيلة ورشفانة وجارتها الزاوية وقبائل ومناطق اخرى منها ميليشيات مسلحة محسوبة على الامازيغ وجماعات متطرفة تنتمي للجماعة الليبية المقاتلة اشتركت في الحرب ضد ورشفانة، قامت خلالها بتدمير وحرق وسرقة بيوت اهالي ورشفانة وتهجير اكثر من 86000 الف عائلة من ديارهم ، لذا يرى كثيرون أنه على رئيس حكومة التوافق محاولة التعامل مع القبائل الليبية  بشكل عملي وواقعي، ومعالجة ملف المصالحة الشاملة وجبر الضرر من خلال تعويض السكان في ممتلكاتهم . كما عليه المحافظة  على الكثير من العهود والاتفاقيات الاجتماعية التي أبرمت بين القبائل من أجل وقف الاقتتال والقبض على الهوية الاجتماعية ، ودعم ومساندة مبادرة المصالحة  والسلم الاجتماعي التي تبرمها المجالس الاجتماعية والشيوخ والحكماء  بالمناطق. 

كما يطالب الكثير من النشطاء السياسين بأنه يجب على السياسيين و المحاورين تخصيص مقاعد في مجلس الدولة لممثلين عن قبائل او شيوخ المصالحة وفض النزاعات، بالاضافة إلى تسليم القبائل او اشراكهم في ملفات كالمصالحة الوطنية وعودة المهجرين والنازحين لديارهم، علاوة على استمرار تدفق المعونات والمساعدات من حكومة التوافق إلى المجالس الاجتماعية والبلدية للمساهمة في الحفاظ على أمن واستقرار المناطق ومحاولة خلق تنمية مكانية للمرحلة المقبلة.

القبائل

– دورها في بناء المصالحة و التوافق

– دورها في جمع و احصاء السلاح

– دورها في كبح جماح الميلشيات و حلها

– جورها في التنسيق الاقليمي

– دورها في التعبئة ضد الارهاب

–  تدويل الازمة في ليبيا

By Zouhour Mechergui

Journaliste